يسجل الاقتصاد المصري علامات اضطراب في مسار تعافيه، إذ يرتفع معدل التضخم في أكتوبر إلى 12.5% بعدما بلغ 11.7% في الشهر السابق. لا يعكس هذا الارتفاع صورة كاملة عن الاقتصاد، الذي حقق مسارًا متماسكًا من التعافي منذ بداية العام، لكن عودة التضخم للصعود تثير القلق حول قوة هذا المسار واستمراره.

تعلن أفريكا بيزنس إنسايدر أن الاقتصاد المصري حقق نموًا ملحوظًا مقارنة بالعام الماضي، مع بقاء أرقام التضخم مستقرة منذ منتصف العام. يتراجع التضخم في فبراير إلى النصف، ليصل إلى 12.8% بعد أن سجل 24% في يناير، وهو أدنى مستوى منذ عام 2022. يأتي ذلك عقب أزمة طويلة في توفر العملات الأجنبية، خلقت سوقًا موازية للدولار قبل أن تنحسر تدريجيًا.

يعتمد المسؤولون في 2024 سياسة تحرير واسعة نسبيًا لسعر صرف الجنيه، حيث ينخفض بأكثر من 35% أمام الدولار، بينما ترتفع أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي في مارس لضمان تدفقات مالية خارجية. يخلص صندوق النقد الدولي في مايو 2025 إلى أن مصر تحتاج فقط إلى توسيع قاعدة الإيرادات لتعزيز ما حققته من استقرار اقتصادي، وذلك بعد تقييم حديث لأوضاعها. وفي تلك الفترة، يرتفع التضخم إلى 16.8% بعدما بلغ 13.9% في أبريل.

وفي سبتمبر، يذكر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن التحديات الاقتصادية المزمنة، ولا سيما ما يتعلق بسداد الديون، أصبحت "من الماضي". يسجل التضخم في سبتمبر 11.7%، مقارنة بـ12% في أغسطس، الذي تراجع أيضًا من 13.9% في يوليو، مشيرًا إلى اتجاه هبوطي واضح. لكن أرقام أكتوبر تكسر هذا الاتجاه، إذ يرتفع التضخم إلى 12.5% نتيجة زيادة أسعار الوقود، ما يعيد القلق إلى الواجهة حول هشاشة التعافي الاقتصادي.

تشير بيانات بلومبرغ إلى أن البنك المركزي المصري يخفض تكاليف الاقتراض تدريجيًا خلال 2025، بما في ذلك خفض جديد في بداية أكتوبر، ليصل مجموع التخفيضات إلى 625 نقطة أساس. تهدف هذه السياسة إلى تخفيف تكلفة خدمة الدين وتحفيز الاستثمار، وهو عنصر حاسم لدفع النمو. ومع ذلك، يبقى سعر الفائدة الأساسي مرتفعًا عند حدود 21%، ما يجذب المستثمرين الأجانب إلى سوق الدين المحلي، لكنه يضغط في الوقت نفسه على تكلفة الاقتراض الداخلي.

تقدم هذه التطورات صورة معقدة لاقتصاد يحاول النهوض بينما تتجاذبه ضغوط داخلية وخارجية. يظهر المشهد الاقتصادي المصري كخريطة نابضة بالحركة: مسار تعافٍ واضح، وتذبذبات مفاجئة في التضخم، وسياسات نقدية طموحة، وعبء ديون ثقيل يحاول صانع القرار تفكيكه عبر مزيج من تحرير العملة، ورفع الفائدة، وجذب الاستثمارات. يبقى السؤال مفتوحًا حول قدرة هذا المزيج على تثبيت التعافي، في ظل بيئة عالمية مضطربة واحتياجات داخلية تتزايد يومًا بعد يوم.

https://africa.businessinsider.com/local/markets/egypts-economic-recovery-loses-momentum-as-its-inflation-figures-creep-back-up/fkwvjez#google_vignette